منتـديـات الهـديــر
اهلا وسهلا بك عزيزي الزائر بموقع مؤسسة الهدير
نتمني اقامة ممتعة تفيدنا فيها ونامل في ان تستفيد
كما يشرفنا الانضمام الي اسرة الموقع لكي تعم الفائدة

مع تحيات
الادارة
منتـديـات الهـديــر
اهلا وسهلا بك عزيزي الزائر بموقع مؤسسة الهدير
نتمني اقامة ممتعة تفيدنا فيها ونامل في ان تستفيد
كما يشرفنا الانضمام الي اسرة الموقع لكي تعم الفائدة

مع تحيات
الادارة
منتـديـات الهـديــر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتـديـات الهـديــر

منتديـات الهــديــر ترحـب بكـم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتابات مميزة في الادب الساخر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
طارق حامد
Admin
Admin



عدد المساهمات : 101
تاريخ التسجيل : 18/07/2010
العمر : 39

كتابات مميزة في الادب الساخر  Empty
مُساهمةموضوع: كتابات مميزة في الادب الساخر    كتابات مميزة في الادب الساخر  Icon_minitimeالسبت يوليو 31, 2010 11:21 am

صورة واحد امتحاناتى

كتابات مميزة في الادب الساخر  486971d2hl6el81k

الجمعة :

قضيت اليوم كله أحاول وضع أسئلة الامتحانات فى اللغة العربية و انتهت محاولاتى بتمزيق كل الأسئلة و ذلك بعد أن اكتشفت أن الأسئلة سهلة و مفهومة و يمكن للطلبة الإجابة عليها .

السبت :

اتصل بى صديقى الأستاذ الدندراوى . قال لى أنه لا يجد أسئلة صعبة فى مادة التاريخ .. بعد مناقشة , اتفقنا على الاجتماع فى بيت صديقنا الأستاذ أبو عقدة إذ أننا نحن الثلاثة - نؤمن بمذهب امتحانى واحد لا تؤمن به الأغلبية العظمى من الأساتذة واضعى الامتحانات . مذهبنا أن يكون الامتحان تعجيزيا , أن تكون الأسئلة ألغازا , و إلا فكيف يمكن أن نكشف عن قدرات الطالب الخارقة و معجزاته ؟ إن الأسئلة الواضحة السهلة ذات الإجابات الموجودة فى الكتب تدل على جهل الممتحن و تفاهته , و قلة معلوماته العلمية . ثم ما فائدة الامتحانات بالذمة و لماذا ننفق من أجلها كل هذه الفلوس إذا لم يكن الهدف منها هو تطهير العلم من الطلبة الحمير الذين لا يستطيعون الإجابة على أسئلتنا الرفيعة ؟

الأحد :

اجتمعنا فى بيت الأستاذ أبو عقدة .
استقر الرأى فى بداية الاجتماع على أن يعرض كل منا الأسئلة التى وضعها فى مادته حتى نتبادل الآراء لنتلافى سهولة أى سؤال .

بدأت بعرض أسئلتى . أمسكت الورقة و قرأت الامتحان الذى وضعته للغة العربية :
أولا - الانشاء :
- اكتب فى أحد الموضوعين الآتيين :
1. العندريس و أثره فى الحضارة الإنسانية .
2. تجعلق الخرطاف يوما فتشوشن فى أكمة حتى سالت دماؤه . اكتب موضوعا على لسانه الذرب .
عند هذا الحد من قراءتى للأسئلة , مط الأستاذ أبو عقدة شفتيه قى استياء قائلا :
- العندريس دى مفهومة قوى ..

و علق الدندراوى فى قرف :
- و موضوع الإنشاء الثانى فيه عبارة واضحة جدا و هى "حتى سالت دماؤه" .. كل طالب سيفهم معناها .

استمرت المناقشة بيننا , و انتهت بأن انتحيت جانبا لأعيد صياغة السؤال , ثم عدت أقرأ لهما تعديل الأسئلة بعد تصعيبها الشديد :
- اكتب فى أحد الموضوعين الآتيين :
1. الأقلائظ و أثره فى الحضارة الإنسانية .

فقاطعنى الأستاذ أبو عقدة :
- الأقلائظ دى متهيألى تتفهم قوى , و عبارة "و أثره فى الحضارة الإنسانية" معناها واضح جدا .

و أيد الدندراوى رأى أبو عقدة فانتحيت جانبا لزيادة تصعيب السؤال و عدت أقرأ لهما :
- اكتب فى أحد الموضوعين الآتيين :
1. الأقلائظ و رموحه المشمول فى حضارة الإنسان
صاح أبو عقدة : كده عال .
فواصلت القراءة :
2. تجعلق الخرطاف يوما فشوشن فى جردابة حتى تبعرط بعرطة شديدة , اكتب موضوعا على لسانه الذرب .

و هنا سأل أبو عقدة الأستاذ الدندراوى : فاهم حاجة من الكلام ده ؟
قال الدندراوى : أبدا ..

و هنا أعلن أبو عقدة رضاءه عن أسئلة الإنشاء , فواصلت قراءة الأسئلة بين استحسان أبو عقدة و الدندراوى حتى وصلت إلى السؤال الذى أقول فيه :
- اشرح معنى هذين البيتين و اعربهما :

و منجار يكلكل بالبردع الخافقات
يهفتع بالكئيم كركود الكلات
كان القوك فوقه و هنان الشرى
يهنجر فى الدجى مرنون الفتات

عندئذ صمم الأستاذ أبو عقدة على أن هذين البيتين فى منتهى الوضوح والسهولة لدرجة أنه فهمهما ببساطة , فطلبت منه شرح المعنى فقال كلاما كثيرا سألنى بعده :
- موش ده المعنى المقصود ؟

فأقسمت له أننى لا أعرف أى معنى لهذين البيتين لأننى نقلتهما من قصيدة لشاعر جاهلى اسمه (الضيرنس) .

و هنا اقترح الدندراوى أن أطلب من الطالب فى السؤال كتابة باقى القصيدة , فلما قلت له أنها غير مقررة عليهم فى النصوص و لم يسمعوا أبدا باسم الشاعر الجاهلى (الضيرنس) , صاح أبو عقدة :
- هو ده يبقى التعجيز اللى على أصله يا أستاذ .. اكتب السؤال زى ما قال الدندراوى .

عدلت السؤال طالبا من الطالب إكمال القصيدة .

بعد ذلك , بدأ الدندراوى يعرض علينا الأسئلة التى وضعها لمادة التاريخ , قال أنه توخى أن تكون أسئلته أسئلة ذكاء صعبة لا أسئلة أولاد صمامين حمير , ثم قرأ من ورقة فى يده :
- أجب عن كل من أ و ب فى السؤال التالى :
أ - اشرح معنى كلمة (نابليون) فيما لا يقل عن خمسين سطرا .

صاح أبو عقدة ( خيلهم 120 سطرا ) .. ثم هز رأسه متشككا فى صعوبة السؤال , معلنا أنه من المحتمل جدا أن يجيب عليه عدد كبير من الطلبة .
و انتهت المناقشة بتعديل الفقرة ( أ ) من السؤال كالتالى :
( أ ) اشرح معنى كلمة نابليون فيما لا يقل عن 200 سطر , بحيث يكون عدد كلمات السطر الواحد 11 كلمة و نصف كلمة .
ثم بدأ الدندراوى يقرأ الفقرة ( ب ) :
( ب ) "الازدواج التاريخى فى سياسة بسمارك يؤدى إلى الاتساع التاريخى مع بعض التباعد فى الأبعاد المتقاربة أو المتوازية أو المتقاطعة أو ذات الزوايا الحادة" .
اشرح معنى هذه العبارة شرحا وافيا .

قال الأستاذ أبو عقدة : أنا عندى فكرة أحسن للسؤال ده .

ثم أمسك بالقلم و الورق لفترة , قرأ علينا بعدها هذا التعديل :
( ب ) إذا افترضنا أن سياسة بسمارك هى عبارة عن المثلث متساوى الأضلاع أ , ب , جـ بداخله دائرة محيطها 25 سنتيمترا تمثل الازدواج التاريخى , مد بداخلها الوتر د , هـ الذى يمثل الاتساع التاريخى ثم الوتر ن , و الذى يمثل الامبراطور غليوم , فأثبت أن التباعد التاريخى فى سياسة بسمارك يساوى : الزاوية ب جـ أ + 2/1 ط نق تربيع - مربع مساحة الدائرة × ن و + د هـ .
(ملحوظة) محظور على الطالب استعمال البرجل أو المنقلة أو المسطرة أو القلم الرصاص أو رسم أى رسم فى هامش ورقة الإجابة أو على النشافة و إلا يعد الامتحان لاغيا .

عندما انتهى الأستاذ أبو عقدة من قراءة السؤال قام الأستاذ الدندراوى و احتضنه بشدة , ثم باسه على الخدين , كما قمت أنا و هنأته بحرارة على وضع هذا السؤال الرائع .

و بعد ذلك استأذن الأستاذ الكبير أبو عقدة فى تأجيل الاجتماع إلى يوم آخر للنظر فى بقية الأسئلة . إذ أنه مشغول بترتيب و إعداد الأسئلة فى الامتحان الشفوى بالمعهد الذى يدرس فيه . ثم دعانى مع الأستاذ الدندراوى لحضور لجنة الشفوى غدا بالمعهد حتى نأخذ فكرة عن أصول الأسئلة الامتحانية .

الثلاثاء :

ذهبت مع الدندراوى إلى المعهد .
قبل أن نذهب إلى القاعة التى يعقد فيها الامتحان حدث شئ مؤسف , إذ سمعنا فى الممر أستاذا بالمعهد لا نعرفه يتحدث إلى أستاذ آخر حديثا سخيفا عن الأستاذ أبو عقدة , فقال عنه أنه رجل مصاب بالسادية و حب القسوة الشديد على الآخرين , و أن هوايته فى أوقات الفراغ هى أن يضرب أولاده ضربا أليما , فإذا لم يجدهم فى البيت أمسك بذيل القطة ليدير بها ذراعه فى الهواء , فإذا لم يجد القطة وقف فى النافذة يضرب الناس بالنبلة . و قال الأستاذ الذى لا نعرفه أن الأستاذ أبو عقدة حلف يمينا بالله العظيم أن يطهر العالم من طلابه الحمير .

مشينا فى القاعة دون أن نناقش هذا الأستاذ الجاهل فيما قاله احتقارا منا لشأنه , و فى قاعة الامتحان الشفوى استقبلنا الأستاذ أبو عقدة , و أجلسنا فى جانب من القاعة .. ثم عاد ليرأس لجنة الشفوى و هو يقول للساعى :
- نادى لى الطالب أحمد الغلبان .

و ما أن ردد الساعى اسم الطالب على الباب حتى هب الأستاذ أبو عقدة تاركا مكانه , متجها نحو الباب , و فوجئنا به يسأل الطالب الذى اجتاز الباب :
- انت أحمد الغلبان ؟

و أمام هذا الرجل ذى الهيبة العظيمة وقفت الكلمات فى حلق الولد و هو يرتجف , و اكتفى بهز رأسه , و هنا ضربه الأستاذ أبو عقدة قلما شديدا على وجهه , ثم عاجله بصفعة شمال أقوى من الأخرى , ثم راح يضربه بالشلاليت , و وقع الولد على الأرض فراح يركله :
- قوم يا جاهل يابن الجاهل ..

فنهض الولد مرتجفا و هو يدفن رأسه بين ذراعيه بينما الأستاذ أبو عقدة يصرخ :
- أنت أحمد أحمد الغلبان ؟
قال الولد بصعوبة : نعم .
و هنا لكمه الأستاذ لكمة شديدة و هو يصيح :
- أنت متأكد إن إجابك دى صح ؟
- نعم ..

و عندئذ ثار الأستاذ أبو عقدة و هو يقول :
- اسفوخس على شكلك يا جاهل .. إزاى يا حيوان تعرف إجابة سؤال باسأله لك ؟؟ انت أحمد أحمد الغلبان ؟

فأجاب الولد بنعم و هو يقسم بالله العظيم , و اشتدت ثورة الأستاذ أبو عقدة :
- و كمان بتحلف يا جاهل ..
ثم ضربه شلوتا قويا و هو يصرخ : بره .. بره .. صفر .. ساقط .. بره .. اخرج بره ..

و أسرع الولد يجرى خارجا , بينما الأستاذ أبو عقدة يضرب كفا بكف و و يتعجب كيف يجاوب الولد بسهولة على سؤال للأستاذ أبو عقدة .. هل هان مستوى أسئلته إلى هذا الحد ؟

و شخط الأستاذ أبو عقدة فى الساعى :
- نادى لى على الطالب أحمد أحمد المرحوم .
و عندما دخل الولد تكرر نفس المشهد , إذ استقبله الأستاذ بالسؤال الأول :
- انت أحمد أحمد المرحوم ؟

و ما أن أجاب بنعم حتى حدث له ما حدث لأحمد أحمد الغلبان , و انتهى الأمر بطرده و إعطائه صفرا بينما الأستاذ أبو عقدة يصيح :
- و الله مسخرة . عشت و شفت طلبة حمير يجاوبوا على سؤال لى بنعم .. أنا ماحدش يعرف يجاوب على أسئلتى .. أنا أسئلتى لها مستوى .. أسئلة ذكاء لا يمكن حد يجاوب عليها ..

نادى لى ع اللى بعده أحمد أحمد الناصح .. و الله عال .. وادى واحد عاملى ناصح ..

دخل الولد فاستقبله الأستاذ أبو عقدة من الباب :
- انت أحمد أحمد الناصح ؟
قال الولد : ده سؤال صعب يافندم .. و الله موش عارف ..

و هنا انفرجت أسارير الأستاذ أبو عقدة و نظر إلينا و إلى زميليه فى اللجنة و هو يقول :
- موش باقول لكم إن أسئلتى لا يمكن أن تكون سهلة أبدا ؟

ثم ضرب الولد على قفاه بشدة قائلا :
- تعالى امتحن يا جاهل .. تعالى جاتكو القرف .

جلس الولد أمام اللجنة فسأله الأستاذ أبو عقدة :
- قوللى يا أبو جهل .. أنت اسمك إيه ؟
- ده سؤال عويص يافندم .. ادينى فرصة لسؤال تانى .

و ضحك الأستاذ أبو عقدة فى فخر لأن الولد عجز عن الرد و عاد يسأله :
- انت طالب هنا فى المعهد ؟
- ممكن أفكر فى السؤال شوية يافندم ؟
- فكر يا جاهل ..
- فكرت يافندم خلاص ..
- انت طالب هنا فى المعهد ؟
- موش عارف الإجابة .. ممكن فرصة كمان ؟
- قوم يا جاهل .. صفر .

كان شيئا ممتعا أن نشهد أنا و الدندراوى رسوب مائة و خمسين طالبا بلغ مجموع درجاتهم مائة و خمسين صفرا .

الجمعة :

فى البيت مع الأستاذ الكبير أبو عقدة لمراجعة بقية أسئلة التاريخ التى وضعها الدندراوى . رفض الأستاذ أبو عقدة سؤالا يقول :
- اكتب بالتفصيل تاريخ العالم منذ خلق آدم و حواء حتى قيام حرب فيتنام .

قال الأستاذ أبو عقدة أنه سؤال سهل ممكن الإجابة عليه ..
و كتب بدلا منه سؤالا يقول :
- أجب عن السؤال التالى :
كان المفروض أن يكون هنا سؤال فى التاريخ , و لكن الممتحن عدل عن كتابته فى ورقة الأسئلة , فاذكر ما هو هذا السؤال و أجب عليه بالتفصيل .

احتضن الدندراوى الأستاذ أبو عقدة بشدة على هذا السؤال الرائع ..

الجمعة :

الحمد لله .. لم ينجح أحد لا فى اللغة العربية و لا فى التاريخ .
أقمنا حفلة بهذه المناسبة عند الأستاذ الدندراوى

كتابات مميزة في الادب الساخر  610

صورة واحد فصيح

كتابات مميزة في الادب الساخر  486971d2hl6el81k

الأحد :

فى هذا اليوم الذى صفا أديم سمائه , كنت جالسا فى بستان البيت , أداعب هرتى نميرة و أستمع إلى المذياع , عندما دق جرس الأرزيز و كان المتكلم هو الأستاذ سالم السلامونى , ينبئنى بعزمه المتقشب على أن نجتمع غدا , لنحاصل و نواصل ما بدأناه من وضع أسماء عربية فصحى لمسميات الفرنجة من المخترعات الحديثة .

بادلته عزمه المتقشب على اللقاء غدا .

الاثنين :

تدحرنت و ذهبت إلى الأستاذ سالم السلامونى فى صومعته اللغوية المقنفلة . و ما أن دخلت عليه حتى رأيته مهتاجا كالليث الهصور و هو يمزق صحيفة من الصحف السيارة شر ممزق , فقلت له :
- ما خطبك ؟

فكشر عن أنيابه كالضرغام و صاح فى غضبة مضرية سحليلة :
- إلى متى تتجاهل الصحف الأسماء التى نضعها للمخترعات الحديثة بدلا من أسمائها الأعجمية الشائعة فى الدنيا كلها ..

ثم فتح الصحيفة الممزقة صارخا :
- انظر .. إنهم يرفضون أن يسموا الشيكولاتة باسمها العربى الصحيح و هو القاموخ المحلى .

و أشار إلى إعلان قاموخ محلى منشور فى الصحيفة , ثم أمسك بقصاصة ممزقة أخرى , و أشار إلى صورة زفزافة صدمها جماز فى شارع الجلاء صائحا :
- إنهم ما انفكوا يسمون الزفزافة : الموتوسيكل , إنهم مافتئوا يسمون الجماز باسمه الأعجمى و هو الترام .. هذه نكبة , هذه أقحيلة سوداء , هذه مصيبة , هذه كارثة ..

ثم ارتعش جسم الأستاذ السلامونى كما يرتعش الكئيل فى الهيتوم و فجأة سقط على الأرض فى إغفاءة مشنابة هرطافة , فهرعت أحضر قنينة الهرباد من القمطر , و وضعت قطرات منها فى خيشومه , فأفاق بعد ارتعداد جهيد , ثم افرنقعت لأن مزاج الأستاذ السلامونى إثر غضبته السحليلة قد تأديم تأديما شديدا .

الثلاثاء :

تدحرنت اليوم و ذهبت إلى الأستاذ السلامونى فى صومعته اللغوية المقنفلة . كان يجلس وسط مئات القواميس و المخطوطات كأنه الهرى وسط البعصار .. و ما لبثنا أن بدأنا العمل , و كان عملنا اليوم هو وضع أسماء عربية للسيارات : فولكس فاجن و مرسيدس , و بويك , و فورد .

قال السلامونى : "لنبدأ بتلك المركبة المسماة بالفولكس فاجن , فلقد أنفقت ليال هشيمة أبحث عن اسم عربى لها" .
- و هل وجدته ؟
- نعم .. لقد سميتها (الخندافة) , فقد لاحظت أن تلك المركبة تصدر صوتا متميزا أثناء قيامها و مسيرها , و هو صوت أقرب إلى الخندفة .
قلت له : ما هى الخندافة ؟ لم أسمع بها من قبل تلك اللفظة اللفظاء ..

ففتح السلامونى صفحات مكتوبة على جلد غزال و راح يقرأ لى :
- خندف يخندف خندفة أى أصدر صوتا متقطعا كصوت البعير فى ترحاله الطويل . و يقال ناقة خندافة أى تخندف خندفة .. أما اسم الفاعل فهو ..

قاطعته قائلا : يبدو أنه لفظ ضارب فى القدم . قال فى حماسة دونها حماسة البهلول فى حومة الوغى :
- أجل أجل , فهذا لفظ كركاعى , استعمله الشاعر الجاهلى حنطيط بن أبى كليئة الذبيانى منذ أكثر من ثلاثة آلاف حول , و لم يستعمله أحد من بعده إلى يومنا هذا , و من الواجب إحياء هذا اللفظ الكركاعى الملماح الذى تلوح كركعته و ملمحته فى قصيدة حنطيط بن أبى كليئة التى يهجو فيها بنى عبس :

و تخندفت بعيرنا فى الدعص باهقة
تنهشر بالهفـار و ترغو مكداسـا
ثم قال السلامونى : فالخندافة اسم مناسب و منجبل و علينا أن نطور الفعل و نطوعه لما ابتدعناه , فنصرفه التصريف الحسن , فأنا أرى أن يقال : تخندف الرجل أى ركب الخندافة , و يقال مخندف بفتح الدال : أى الحظيرة التى تأوى إليها الخندافة . و يقال رجل خندوف أى الرجل الذى تصدمه الخندافة و تقتله , و يقال رجل متخندف أى الرجل الذى تصدمه خندافة دون أن تقتله .

استغرقنا الجلسة كلها نبحث فى الخندافة . ثم انفرنقعت مرتئحا بعد أن اتفقت مع السلامونى أن نبحث معا فى الغد ما وصلت إليه أنا من حرشاء بشأن السيارة المرسيدس .

الأربعاء :

تدحرنت اليوم و ذهبت إلى الأستاذ السلامونى فى صومعته المقنفلة .
سألنى : هل توصلت إلى اسم مناسب و منجبل لمركبة المرسيدس ؟
فقلت : أجل . فبعد بحث استطال فى المراجع , و بعد ليال هثيمة مكندهة رأيت أن الاسم المناسب و المنجبل لمرسيدس هو : (المكاكية) فهذا الصنف من المركبات المحركية يكاكى كالأوز عند المسير , ثم أمسكت مرجعى و قرأت للسلامونى :
- كاكى , يكاكى , و المصدر مكاكاة . و الفعل ينسب إلى المكاكى و هو ضرب من الطير يصيح فى الغدوات مكاكيا , و قد ورد ذكره فى معلقة الشاعر الجاهلى (امرؤ القيس) إذ قال :

كان مكاكى الجـواء غديـة
صحن سلافا من رحيق مفلفل
و قاطعنى السلامونى مفكرا , مصطربعا ..
- و لكن .. هل المرسيدس تكاكى ؟

عند هذه النقطة تشعب بنا جدل حميص فاقترحت عليه أن نتكاكى أى نركب مكاكية , ثم نصيخ السمع الرهيف فى اكتنبار شديد فافرنقعنا من الصومعة اللغوية المقنفلة , و تكاكينا أى ركبنا مكاكية أجرة . و فى المكاكية اكتنبر السلامونى ممسكا ببوق أذنه ثم قال :
- هذه ليست مكاكاة .. بل أرزاما ..
- إنها مكاكاة ..
- بل أرزام .
- إنك تشوغرنى بهذا القول .. هل هذا أرزام ؟ هل هذا صوت رعد ؟ اكتنبر جيدا و سترى أنها مكاكاة .
- كلا بل أرزام . لماذا لا نسميها (أرزمة) ؟ إنه اسم منجبل ..

و بعد مناقشات تشعب فيها جدل ملماص أنبأنا قائد المكاكية بأن المكاكية تصدر تلك الأصوات الانفجارية أثناء سيرها لأن أنبوبة النفايات و الفضلات المحترقة مكسورة كسرا متهرجعا مدنابا .. فاستوقفنا قائد المركبة استوقافة مرتئنة , لنتكاكى فى مكاكية أخرى . أصخنا السمع فى اكتنبار شديد .. و فجأة قال السلامونى :
- إنها تخندف .
- بل تكاكى .
- تخندف ..
- بل تكاكى .

و تشعب بنا الجدل الحميص دون أن نصل إلى هلمذة أو كلمذة فافترقنا مفرنقعين على أن يضع كل منا بحثا مستئنسا عن الفيصل بين الخندفة و المكاكاة .

السبت :

الجدل بينى و بين السلامونى لم يصبح حميصا بل أصبح جدلا هجنجلا عن الفيصل بين الخندفة و المكاكاة .

الأحد :

الجدل الهجنجل مستمر .

الاثنين :

دعونا الصديق عبد الحى عبد الحى و ارتضيناه حكما ملحاقا فى ذلك الجدل الهجنجل . ذهبنا ثلاثتنا لنستمع إلى البعير و هى تخندف : ثم إلى الأوز و هو يكاكى , ثم تكاكينا فى أول مكاكية صادفتنا فى الطريق و أصاخ عبد الحى عبد الحى السمع الأطرقى , و اكتنبر اكتنبارا شديدا فسألته :
- ما رأيك ؟

قال عبد الحى : لا هذا و لا ذاك . لا تكاكى و لا تخندف بل تهنش فهى أهنوش , بضم الألف .

صاح السلامونى : أجل .. أجل .. إنها تهنش تهنيشا .. كيف فاتنى أنها أهنوش ؟

و عقدنا اجتماعا بعد ذلك فى صومعة السلامونى المقنفلة و بعد البحث فى غياهب المراجع و مقاظمها , استقر رأينا على أن نسمى السيارة المرسيدس : الأهنوشة , و أن يقال استنهش الرجل أى امتلك الأهنوش , و يقال مهنشة أى الحظيرة التى تأوى إليها الأهنوش , و يقال رجل منهوش أى رجل داسته الأهنوش فقتلته و يقال رجل متهانش أى صدمته الأهنوش و لم تقتله , و يقال أهنوشية أى رخصة قيادة الأهنوش .

انفض الاجتماع و انفرقعنا بعد أن عهدنا إلى السلامونى بالبحث و التنقيب لوضع أسماء باقى السيارات , مضافا إلى ذلك البحث عن أسماء عربية لهذه المسميات الأعجمية : قداحة رونسون الغازية – البيبسى كولا – الكريم شانتيه – الساليزون . و أن أبحث أنا عن أسماء عربية لهذه المسميات : الاسكالوب – الجيلاتى – البلمونت .
على أن يبحث عبد الحى عبد الحى وضع أسماء عربية لجميع أسماء المشاهير الأعجمية التى تتردد فى الصحف .

الثلاثاء :

إننى أقضى ليالى هثيمة فى البحث عن اسم عربى للاسكالوب .

الأربعاء :

اتصل بى أرزيزيا الأستاذ السلامونى , و كان صوته فى حبل المسرة متهدجا مبطاحا , قال لى أنه لم يعثر على ألفاظ قديمة القدم الكافى و لهذا صح عزمه على أن يرتحل إلى الصحراء ليحفر و ينقب فى الأرض عن ألفاظ أثرية من مخلفات البدو القدامى .

عقدت النية على أن أرتحل معه إلى البادية و أن اصطحب هرتى نميرة معى .

الخميس :

فى الطريق .

الجمعة :

نصبنا الخيام فى بلقع بلقيع ليس به قرطار و لا نافخ نار , و بدأنا الحفر فى التو و الهو .

السبت :

فى حفرة عمقها أربعة كردافات سمعت السلامونى يصيح صيحة البهجة و الحبور "لفظة لفظة .." ثم مالبث أن خرج من الحفرة المبهرقة و أسرع يعدو نحوى و بيده جسم صغير تراكم عليه الصدأ الكثيف و الرمال المتحنظمة ثم جلس أمامى ممسكا اللفظ بكلتا يديه و راح يزيل عنه الرمال و قد اكتسى وجهه بأجنوحة الفرحة و هو يتمتم : لفظ مفقود .. لفظ لم يسبق استعماله .. وافرحتاه .. وافرحتاه ..

ثم أحضرت له فنطاس النفط فغسل اللفظ فيه حتى ينهرك الصدأ من فوقه و يكتهى , ثم جففه بأخروقة , ثم أعاد بربعته فى النفط مرة أخرى لأن الصدأ كان شديد التحونط فى حروف اللفظ الأثرى .
و ما انفك السلامونى يغسل اللفظ رباع و خماس و عشار حتى اقنحل الصدأ قليلا , فراح يحكه بصنفرة عضنفرة داهمة الأخشوشان . فباتت حروف اللفظ بعد الساعات الطوال , لاهقة , آهقة , فاهقة , و صاح السلامونى فى فرحة و هو يقرب مقلتيه من تحت المنظار السميك إلى اللفظ الذى وضعه فى صندوق من المخمل :
- اقرأ يا أخى .. اقرأ معى ..

قربت بصرى , و ما لبثنا أن قرأنا اللفظ معا :
- الخمشنون .

و هنا احتضننى السلامونى بحرارة كما تحتضن الوجيزة الدرباع قائلا فى حبور مبعرط :
- الخمشنون .. الخمشنون .

ثم نظر إلى وجهى متسائلا :
- ماذا تظن أن يكون معناها يا فرقاع الهمة ؟

و قبل أن ينتظر جوابى أسرع إلى الخيمة ليفتح القواميس و المراجع ثم انضممت إليه حتى عثرنا بعد لأى هثيم فى قاموس الزنباعى على لفظة قريبة الحروف يقول عنها الزنباعى :
- تخمشن يتخمشن تخمشينا أى استقظم من الاستقظام , و يقال رجل مستقظم أى يحتسى الحساء فى انبعراج و بهجة .

بحثنا الأمر بحثا مستفيضا مهققا , و بينما نحن نتجادل الجدل الحميص , حدث ما أدخل فى قلبينا البهجة المستحبرة , إذ فوجئنا بقطتى نميرة قادمة نحونا و بين أسنانها لفظ أثرى عثرت عليه ثم تهيأت للجلوس حتى تأكله , فأسرعت أنتزع اللفظ من بين فكيها , و استخلصته سليما معافى الحروف و أسرع السلامونى يحنشله فى النفط حتى ينهرك صدؤه .
نمنا ليلتنا مقرورى العيون بعد يوم هثيم .

الأحد :

بدأ السلامونى يومه بانتشال اللفظ الذى عثرت عليه قطتى نميرة من النفط ثم راح يحكه بالصنفرة و هو يفكر تفكيرا عميقا ثو قال لى فجأة و فى عينيه يلمع بريق الحلندس :
- لقد استقر رأيى على أن نطلق الخمشنون على البيبسى , إذ أننا نحتسيها فى انبعراج دائما .

وافقته على رأيه المصطاب , فسر خاطره و انحبر , و بينما نحن كذلك بانت حروف اللفظ الثانى .. فقرأناه :
- العرناب .

و بعد بحث فى المراجع لم نعثر للفظ أى لفظ قريب من حروفه على أثر , و رأى السلامونى بفاطن رأيه و حساكة مخبره أنه مادامت قطتى نميرة كانت تنوى أكل تلك الكلمة , فلابد أنها كلمة تعنى شيئا يؤكل , و استقر رأيه أن نطلق اسم العرناب على الاسكالوب , أو الكريم شانتى , لأن كلا الطعامين تهواهما قطيطتى نميرة .

الثلاثاء :

عدنا اليوم على أن نرتحل إلى بلقع جديد فى البادية فى القريب بحثا عن الألفاظ الأثرية .

الخميس :

تدحرنت اليوم و ذهبت إلى الأستاذ السلامونى فى صومعته اللغوية المقنفلة . جاء الأستاذ عبد الحى عبد الحى و عرض علينا ما توصلت إليه قريحته المتنبرسة من أسماء عربية لأسماء المشاهير الأعجمية , و ذلك بعد ترجمة دقيقة , و تصرف لبق معضاد .

قرأ علينا الأسماء التى انتهى من تعريبها :

ويلى برانت : والى البراينى .
افا جاردنر : قافا البستانى .
جورج رافت : جرجس رأفت .

تباحثنا فى هذه الدفعة من الأسماء بحثا هثيما و تشعب الجدل دون أن نصل إلى هلمذة أو كلمذة

كتابات مميزة في الادب الساخر  610
كتابات ساخرة لأحمد رجب

أهلا يا حب

كتابات مميزة في الادب الساخر  486971d2hl6el81k

من المعالم المميزة لحلول الربيع فى العالم كله : تفتح الزهر , و اخضرار الشجر , و الاحساس ببهجة الدنيا , و استعداد القلب لآهات الهوى , و استعداد وزراء التخطيط لزيادة جديدة فى النسل .

غير أن المعالم المميزة للربيع عندنا بالذات تختلف نوعا , إذ تكتسى الدنيا بلون ذهبى شاعرى هو صفرة الخماسين , و ينفض الطير عنه خمول البيات الشتوى , فتطير أسراب الهاموش فى كل اتجاه لتعلن مولد فصل الربيع المبارك , فما أن تحيط أسرابه بالإنسان ساعة العصارى عائدة بعد الشتاء , حتى يشعر بدغدغة فى مشاعره , و يخفق منه القلب , و يستغرق فى أحلام الحب و تنهيدات المساء !


و لعل ما يؤكد أن أغانينا غير واقعية , هو خلوها تماما من الاشارة إلى الهاموش , فهى تكتفى بأن تشير إلى تفتح الزهر و تورق الغصن و لا تشير إلى إقبال الهاموش , كما ندهش حقا لأغنية تقول آدى الربيع عاد من تانى و لا تقول آدى الهاموش عاد من تانى , كذلك لم نسمع على لسان عاشق موالا يعبر فيه عن مشاعره التى اتقدت مع مقدم الربيع بقوله : ابكى يا عين ع اللى فاتوه احبابه .. فاتوه وحيد ماحد يطرق بابه .. و عاد حنينه و أنينه و قادت الاشواق .. لما عاد الهاموش تانى بأسرابه .

صديق العاشق !

بل إن دور الهاموش لا يقتصر على شعللة العواطف فى قلوب المحبين عند مقدمه بعد البيات الشتوى , فإن هذا الكائن الربيعى الرقيق الجميل - الهاموش - يعتبر صديقا للعشاق , فربما لم يتح لك ارتياد حديقة عامة هادئة ساعة العصارى , إذ ستلمح أكواما عالية أشبه بأكوام الردة هنا و هناك , و لو أنك مددت يدك إلى أحد هذه الأكوام و أزلت جانبا من الردة لوجدتها هاموشا كثيفا يخفى تحته عاشقين غارقين فى القبلات , و كم هو لطيف من الهاموش أن يتراكم فوق العشاق فى حديقة عامة ستر و غطا ليخفيهم عن فضول العيون و العوازل و رقابة المصنفات الفنية .

... و دور الشرير ؟؟

غير أن هذا الكائن الربيعى الرقيق الجميل - الهاموش - لم يسلم من الهجوم القاسى كحظ كل شئ جميل فى بلادنا , إذ شنت الصحف - منذ سنوات - حملة على محافظة القاهرة الكبرة تطالب فيها أجهزة النظافة بإزالة هذا البلاء الكثيف من جو القاهرة و الجيزة , ثم اشتدت الحملة عندما فوجئ الناس ذات يوم بأن درجة الرؤية فى ميدان التحرير أصبحت صفرا بسبب كثافة الهاموش , و ظهرت أجسام الناس أشبه بالسمك المشوى بالردة قبل دخوله النار .

و استغل أحد المخرجين الأذكياء تلك الضجة الكبرى , فجاء يطلب منى أن أكتب قصة سينمائية اسمها ( الهاموش ) , ليخرجها على غرار فيلم الطيور لهتشكوك , فكما هاجمت الطيور قرية فى الفيلم الهتشكوكى , يهاجم الهاموش سكان القاهرة , و مع أن الحدوتة فى دماغه جاهزة - قال المخرج - إلا أنها ينقصها " الفيلين " أو شرير الفيلم , ذلك أن الفيلم العربى عادة كحدوتة ستى تماما يقوم على ثلاثة أركان : الشاطر حسن البطل , و ست الحسن البطلة , أما الشرير فهو أمنا الغولة . و لا بد من دور لأمنا الغولة .. و اقترحت على المخرج أن يكون الشرير هو صاحب فكرة إطلاق الهاموش على القاهرة , فهو مجرم خطير هارب من العدالة و الشرطة تتعقبه , لكنه فى ظل الهاموش يمشى آمنا فى الشوارع مادام الهاموش يغطيه كله طوال سيره ثم يتبين فى نهاية الفيلم أنه يربى الهاموش خصيصا لهذا الغرض , و أن عنده ( غية ) هاموش فى مغاراته بالجبل , و أنه يعتز بهاموشتين اعتزازا خاصا هاموشة اسمها ( بوسى ) حاطط لها فيونكة حمرا فى رقبتها , و هاموش ذكر اسمه ( لاكى ) .

نار الشوق !

ثم جاءنى المخرج يقول أن الموزع غير راضٍ عن أن يكون اسم الفيلم ( الهاموش ) فهو اسم لا يصلح للشباك و لا بد من اسم فيه سكس , و بعد استعراض أسماء " هاموش على الجسم الوردى " و " سيقانها و الهاموش " و غيرهما , استقر الرأى على اسم " جسد و حب و دلع و هاموش " .

ثم تحولت القصة إلى قصة جديدة أخرى . فالبطل و البطلة تزوجا بعد قصة حب نارية , و ما أن يمضى شهر العسل حتى تدب بينهما الخلافات بسبب الملل . و فى كل خناقة تغضب البطلة و تلم هدومها و تروح على بيت أمها , و فى آخر مرة , بعد أن ظلت فى بيت أمها أسبوعين , يشعر نحوها البطل بالشوق , لكنه يفاجأ و هو فى طريقه إلى بيت أمها بأسراب الهاموش تحيل الدنيا إلى ضباب هاموشى تتعذر معه الرؤية , و يعود البطل مع البطلة إلى بيتهما بصعوبة , و لكنه لا يستطيع بعد ذلك أن يرى وجهها بسبب الهاموش الكثيف و كذلك هى , و مع الأيام يكاد يجن شوقا إلى رؤياها بينما هى يمزقها حنين جارف إلى رؤياه . و يظلان على هذه الحال شهورا طويلة تمتنع خلالها الخلافات بينهما تماما , و هنا ندرك المغزى العظيم و هو أن الزواج لا تفسده إلا الرؤية اليومية لبعضهما البعض , فهى لا تتيح فرصة للشوق و الحنين . و ينهار البطل من لهفته و اشتياقه إلى رؤيتها و هما فى بيت واحد , و تنتاب البطلة حالات هستيرية من شدة شوقها إلى رؤياه . و يضرب رأسه فى الحائط باكيا : عايز أشوفك عايز أشوفك . و تغنى له هى أغنية دامعة ماليش أمل فى الدنيا دى غير إنى أشوفك بعنيه , كما حدد المخرج موقفا آخر تغنى له فيه : فرق مابينا ليه الهاموش .

و ينتهى الفيلم نهاية سعيدة إذ يقرر البطل و البطلة السفر إلى أثينا لرؤية بعضهما البعض, و لا شك أن التصوير فى أثينا - قال المخرج - يعطى الفيلم صفة العالمية .

من أنا ؟

و لم نتفق بعد ذلك على تفاصيل هذه القصة العالمية المؤثرة , إذ حدث - أمام الحملة الصحفية على المحافظة - أن أدلى مسئول بالمحافظة - و والله هذا حصل فعلا - ببيان قال فيه أن مقاومة الهاموش ليس من اختصاص المحافظة و لكنها من اختصاص وزارة الزراعة لأن الهاموش من الحشرات الزراعية التى تتجه إلى المزروعات لا إلى بنى آدم !

يومها جاءنى المخرج يسألنى - بناء على هذا البيان - أى أنواع المزروعات بالضبط ينتمى الإنسان القاهرى ؟ هل أصله بدنجانة ؟ هل أصله ملوخية ؟
و نصحته أن يتصل بمسئول المحافظة الذى قال هذا الكلام فأدار قرص التليفون و راح يسأله :

- بمناسبة بيانكم عن الهاموش .. هل يمكن الاستفسار عن بعض النقاط الغامضة ؟
- مثل ؟
- هل الإنسان القاهرى أصله كوسة ؟
- كل شئ جايز .. اسأل وزارة الزراعة .
- ممكن يكون أصله قطن ؟
- كل شئ جايز .
- إذا كان أصلنا قطن . هل تقترح أن نطالب وزارة الزراعة برشنا بالتوكسافين ؟
- كل شئ جايز.
- هل يفهم من بينكم أن الهاموش يفقس و يتوالد على لحم البنى آدم القاهرى دون أن يشعر أن ملايين الهاموش قد فقس فوق جلده ؟
- كل شئ جايز .
- هل تقترح سيادتك فى هذه الحالة أن يجمع كل إنسان قاهرى عددا من الأنفار علشان ينقوا لطع الهاموش من على جلده ؟
- كل شئ جايز .

و اختمرت القصة فى ذهن المخرج قصة رائعة حقا بعد هذا الحوار .
قصة شاب يعيش سعيدا بين أسرته و يتأهب للزواج من البطلة الجميلة . و ذات يوم يسمع بيان المحافظة بأن الهاموش من الحشرات الزراعية التى تتجه إلى المزروعات لا الانسان , فيدرك من تراكم الهاموش عليه أنه قطعا من المزروعات . هنا يواجه والده و يقول له فى موقف مأساوى قائلا : أنا مش ابنك . أنا عرفت كل حاجة أنا عرفت كل حاجة . أنا أبويا زرعاية و أمى زرعاية ثم يرتمى فى أحضان أمه مودعا .. شاكرا لها تربيتها له و يخرج من البيت هائما على وجهه يبحث عن أسرته الحقيقية , متسائلا إن كان أصله فول حراتى أم عدس أسود أم ارنبيط , و تحرص البطلة على الوقوف إلى جانبه فى محنة البحث عن أصله و فصله .
و ذات ليلة يفر البطل من جانبها وسط الحقول و يشعر أن قدميه تجتذبانه رغما عنه إلى غيط الخرشوف . لا بد أن أصله خرشوفة . و يقترب من أكبر خرشوفة يسألها :
- ماما ؟؟
لكن البطلة تلحق به و تجتذبه برفق , و تجلس معه على شاطئ الترعة , ثم تغيب معه فى قبلة طويلة , ثم بعد القبلة تحرك شفتيها و كأنها ( تستطعم ) شيئا , ثم تنفرج أساريرها لتعلن أنها قد عرفت أصله و فصله بعد هذه القبلة , و يسألها فى لهفة : لقيتى طعمى إيه ؟ بامية ؟ قلقاس ؟ فترد لتزف إليه البشرى : لا .. بصل .
هنا ينتهى الفيلم و البطل يحضن بصلة فى سعادة ناطقا بالعبارة الأخيرة فى معظم الأفلام : أمى حبيبتى .. أمى حبيبتى .

و لم يظهر الفيلم , و بقى الهاموش عاما بعد عام , يخرج له كل يوم موكب عظيم فخم من رجال المحافظة , يتجهون إلى سرادق مقام بأعلى المقطم , يعلنون فيه - مع رؤية أول هاموشة فى الأفق - ثبوت رؤية الربيع !

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://elhadeer.yoo7.com
 
كتابات مميزة في الادب الساخر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الادب الساخر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتـديـات الهـديــر  :: الاقسام الادبية :: قسم الشعر والشعراء-
انتقل الى: